براءة أكاديمي- نصر تاريخي لحرية التعبير ضد الصهيونية في بريطانيا.

المؤلف: ديفيد ميلر11.06.2025
براءة أكاديمي- نصر تاريخي لحرية التعبير ضد الصهيونية في بريطانيا.

ببراءة ذمتي من قِبل محكمة توظيف تاريخية، استمد مناهضو الصهيونية في أرجاء المملكة المتحدة طاقة متجددة للتعبير عن آرائهم بجرأة.

في الخامس من شهر فبراير/شباط، أصدرت "محكمة التوظيف في بريستول" حكمًا طال انتظاره، حيث قضت بأن إقصائي من جامعة بريستول في أكتوبر/تشرين الأول 2021 – حيث خدمت كأستاذ في علم الاجتماع السياسي لأكثر من ثلاثة أعوام – كان إجراءً غير عادل وغير قانوني.

ولم تكتفِ المحكمة بهذا القدر؛ بل أكدت أن السبب في إقصائي لم يكن استهداف الطلاب والجمعيات الطلابية المزعوم من خلال تصريحاتي وتعليقاتي – كما ادعت الجامعة – وإنما بسبب قناعاتي الراسخة المناهضة للصهيونية.

بعد أن استمعت المحكمة إلى تفصيلات وجهات نظري حول الصهيونية في مذكرات وافية، وعلى مدار أكثر من يومين من الاستجواب، توصلت إلى قناعة بأن آرائي متماسكة ومنطقية، وتمثل قناعات فلسفية عميقة تستحق الحماية بموجب قانون المساواة لعام 2010.

معاداة السامية

تلقيت هذا الحكم بفرحة غامرة وارتياح عميق، فقد كانت هذه القضية مستمرة منذ شهر أبريل/نيسان 2019، عندما قُدم أول شكوى ضدي بسبب محاضرة ألقيتها في الجامعة. وجاءت الشكوى من "صندوق أمن المجتمع"، وهي مؤسسة خيرية تزعم حماية اليهود من معاداة السامية، لكنها ركزت منذ تأسيسها على دعم الأفكار الصهيونية ومحاولة إسكات النشطاء المؤيدين لفلسطين باتهامات لا أساس لها بالعداء للسامية.

بالرغم من أن هذا الحكم يمثل انتصارًا شخصيًا بالغ الأهمية وتبرئة شاملة لوجهات نظري وموقفي خلال حملة المطاردة التي استمرت ضدي لسنوات، إلا أن تداعياته تتجاوز حدودي الشخصية ومسيرتي الأكاديمية.

يثبت هذا الحكم بجلاء أن الآراء المناهضة للصهيونية ليست عنصرية أو معادية للسامية، بل هي معتقدات فلسفية مشروعة تحظى بالحماية بموجب قانون المساواة لعام 2010. وبالتالي، يفند هذا الحكم الادعاء القائل بأن "معاداة الصهيونية هي معاداة السامية الجديدة"، وهو ادعاء صريح أدلى به وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان في خطاب ألقاه في الولايات المتحدة عام 1972.

يستند هذا الادعاء إلى "التعريف العملي" المثير للجدل لمعاداة السامية، والذي وضعه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، والذي طالما فرضته إسرائيل والعديد من مؤيديها على الحكومات والمؤسسات في جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة التي وجهها العديد من الخبراء والناشطين لهذا التعريف، بأنه يخلط بين معاداة السامية وانتقاد إسرائيل وممارساتها في فلسطين، فقد تم اعتماده من قبل العديد من الحكومات والمؤسسات الرائدة في الغرب خلال العقد الماضي. وتبنته المملكة المتحدة رسميًا في ديسمبر/كانون الأول 2016.

سلاح أساسي

في السنوات الثماني اللاحقة، كان هذا التعريف بمثابة السلاح الأساسي لإسرائيل ضد حركة التضامن الفلسطينية المتنامية باستمرار في المملكة المتحدة.

لكن كل سلاح يحتاج إلى جنود قادرين على استخدامه. وفي معظم الحالات، يشمل "الجنود" الذين تم حشدهم لتشويه سمعة النشطاء المؤيدين لفلسطين ومضايقتهم وإسكاتهم، الجماعات الصهيونية التي تعمل بتناغم لإخماد أي انتقاد للنظام الإسرائيلي في الأوساط الأكاديمية والسياسية والإعلام وفي الشوارع. وفي حالتي، مارسوا التخويف والضغط على جامعة بريستول لإقالتي بسبب قناعاتي القوية المناهضة للصهيونية، مدعين أن آرائي ترقى إلى مستوى العنصرية وتضر بالمجتمع.

الآن، وبعد صدور الحكم التاريخي من "محكمة التوظيف في بريستول"، لم يعد من الممكن عزل أولئك الذين يدافعون عن الفلسطينيين وينتقدون إسرائيل بإجراءات تعسفية ومعاقبتهم وتشويه سمعتهم باعتبارهم عنصريين أو "نازيين".

من الآن فصاعدًا، سيتمكن مناهضو الصهيونية أمثالي من الاستناد إلى هذا الحكم للدفاع عن أنفسهم ضد هذا النوع من الترهيب والمضايقة التي واجهتها. وفي المملكة المتحدة، سيكون من الصعب على مؤسسات مثل جامعة بريستول فصل الأفراد بسبب التعبير عن معتقداتهم أو الترويج لها.

وبنفس القدر من الأهمية، سيعزز هذا الحكم الحملة الرامية إلى إلغاء ما يسمى بـ "التعريف العملي" لمعاداة السامية، والذي يتم الترويج له على نطاق دولي.

ربما تكون النتيجة الأكثر أهمية لحكم "محكمة العمل في بريستول" في قضيتي هي تأثيره على ثقة المناصرين لفلسطين في جميع أنحاء المملكة المتحدة وخارجها. ففي الشهر الماضي، عبر لي الكثيرون عن أن الحكم الذي صدر لصالحي منحهم مزيدًا من الثقة للتعبير عن آرائهم بشأن الصهيونية وجرائمها.

التردد في استخدام مصطلح الصهيونية

لسنوات عديدة، ترددت قطاعات كبيرة من الحركة المؤيدة لفلسطين في المملكة المتحدة، مثلها مثل أي مكان آخر في أوروبا، في استخدام مصطلح "الصهيونية" عند التحدث عن قمع الفلسطينيين وتجريدهم من ممتلكاتهم، خوفًا من وصمهم بمعاداة السامية وفقدان مصادر رزقهم.

هذا التردد المروع في الحديث عن الصهيونية أضفى قدرًا كبيرًا من الشرعية على إسرائيل وجعل من الصعب فضح الدور القيادي الذي يلعبه العديد من الصهاينة خارج فلسطين في الفظائع المستمرة ضد الفلسطينيين.

وكما رأينا بوضوح منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، فإن الصهاينة خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة يساهمون بشكل مباشر في الإبادة الجماعية المستمرة للفلسطينيين من خلال تزويد القوات الإسرائيلية بالمتطوعين، فضلاً عن تقديم الدعم المالي والدبلوماسي والعسكري لإسرائيل. علاوة على ذلك، فهم يوفرون الحماية لإسرائيل من خلال إسكات منتقديها في أماكن أخرى باتهامات بالعنصرية ومعاداة السامية.

وبفضل الحكم الصادر عن "محكمة بريستول للتوظيف" في قضيتي، آمل أن يجد العديد من الأكاديميين والطلاب والسياسيين وغيرهم الشجاعة لرفع أصواتهم ضد الصهيونية وجرائمها.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة